يمضي بلادة.... بين الفينة والأخرى... تنقله أقدامه كخف جمل في مضمار طويل، ما بين الشرفة والمكتبة. يقف ويحرق أساطير البحار.. يستحضر هموم الترحال. يشعر بسريان الثلج كلما هم بدخول ميناء مفتوحة... يقلقه نطاح السحاب... ثم يكتنز يحاول أن يدفع هامته للبيارق المنكسة حداداً ليوم راحل.
قلت له: الموت حق (كل من عليها فان)، في ذلك الزمن بدأ ضوء القمر يغسل البحر وبدأت روائح الماء تسابق الأرواح في تقصيها للأنس والطير... نعم ثمة أشياء تختفي من حولي.
في قديم الزمان كان على شرفة حديقة منزلية منعشة شجرة مداد فرحة ذات زهور طافحة برحيق البنفسج، يعيش بين أغصانها المداد دعسوقة مكتنزة لعوب حمراء عليها دوائر سوداء، وفي يمين الشرفة، تمتد لوحة فسيفساء براقة كتب عليها الآية الكريمة [وإما بنعمة ربك فحدث]. وكان ما يميز الشرفة كونها منتعشة دوماً يحفق أرواح المودة والصداقة بين المداد والدعسوقة واللوحة.. هذه البهجة أثارت فضول عنكبوت وحيد أراد مشاركتهم في لعبة الألوان الجميلة، وعندما استيقظ الجميع في الصباح كان هناك غلالة غبارية تخالطها خيوط عنكبوت باهتة تجلل كل شيء في الشرفة. فكيف يستطيع الأصدقاء إستعادة الألوان الجميلة البراقة؟!.