السفر والرحلات السياحية
الرحّالة : هكذا رأيت العالم
يفتح الإنسان عينيه كي يرى، لكنّ قلّة من بني البشر ترى بقلبها وعقلها. الصحافي الحقيقي هو من تلك القلّة، عينُه كاميرته على العالم، قلبُه ميزان إنسانيّته، قلمُه يرسم فوق الصفحات خطوط الحاضر وجذور التاريخ والجغرافيا ونبض الناس والحضارات. قلّةٌ ممَّن يمسكون ذلك القلم لديهم ما يكفي من النضج الروحي والإنساني لاستيعاب التجربة. تجربة أن تكون الجميع، وأن تحتضن بكلّ حواسّك أحلامهم وانهزاماتهم، أوجاعهم وأفراحهم، ما يقولونه وما لا يُقال.
في غمرة تلك الرحلات إلى عوالم الآخرين، لا تعود القضيّة عنواناً، بل تصبح بشراً وقصصاً يتدفق في شرايينها الدم لا الحبر. تتراجع الرواية الرسميّة أمام الحكايات الصغيرة التي تحرّك التاريخ. كلا، التاريخ لا يصنعه الكبار فقط، بل تحبكه قصص الصغار والمهمّشين، وتصنعه معطيات تُنسَج في الكواليس ولا تأخذ يوماً دور البطولة.
سامي كليب احتضن كلّ الظواهر والمظاهر التي صادفها في أسفاره، وهي كثيرة.
ولأنّ الصحف أضيق من أن تسع كلّ هذا الزخم، لأنّ ما هو «ليس للنشر» يحمل أكثر ممّا يحمله ما يُنشَر، كان هذا الكتاب. خلاصة عمرٍ من الرحلات إلى جميع أصقاع العالم. خلاصةٌ مكثفة، بلغةٍ سلسة، منسابة، وحميمة، خلاصةٌ موضوعيّة من منطلق شخصي.
وأخيراً تسنّى للصحافي أن يتفلّت من محاذير المهنة ليكون ذاته: رحّالة.
الرحلة الحجازية أو نهزة المسافر ونزهة المسامر
الفيزا السياحية للولايات المتحدة الأميركية
الموصل وأقلياتها
تعد كتب الرحلات التي تركها الكتاب المستشرقون ممن زاروا العراق كنزًا معلوماتيًا وفضاء نادرًا للدهشة والأناسة. هنا ستجد واحدة من أهم مدن الشرق (الموصل) مطلع القرن العشرين المنصرم بعيون الآخر، العين التي تنتقل عبر تفاصيل المدينة، أحوالها السياسيّة والاجتماعية والاقتصاديّة لتصنع حكايتها والتي هي حكايتنا أيضًا.
يلقي الكتاب ضوءاً على أثر مؤلفه في تحليل الظروف الإيجابية والسلبية التي واجهتها الأقليّات التي عاشت في الموصل والمناطق المحيطة بها حيث يتناول حياتهم بمختلف تفاصيلها بجانب توصيفي دقيق مركزّاً على الأقوام التي فقدت مكانتها العالية (الآشوريون والنسطوريون واليعقوبيون) ليمضوا برحلة مع الحسرة وتناقض الأزمان.
قصة متباينة تمتد من المتعة الى الصدمة عاشها الكاتب تبين لنا مأساة أناس طالتهم يد النسيان، يهمسون بصوت ضعيف منادين أمجادهم، متدفئين بالذكريات والعادات والمعتقدات علَّ ماضيهم الخالد يعود زائراً يوماً ما.
هذه حكاية سافرت من صفحات التايمز البريطانية الرائدة (والتي كانت قد نشرت العديد من فصول الكتاب آنذاك) لتحطّ بين أيدي قراء الرافدين.