. غير أن الفتى، على ما يشعر به من ضعف يعتري الجسد، ما زال يحب، ويعشق، ويرغب، ويأمل، ويعمل، ويتطلع إلى المستقبل، وكأنه ما زال في ريعان الشباب، وربيع العمر، فيما هو موغل في خريفه!... وإذا يتساءل الفتى من أين يستمد هذا الشعور بالفتوة لا يتردد في الإجابة: انها النفس، هذه النفس التي عبرت كل تلك الفصول المتعاقبة ما زالت تبدو وكأنها تمر بكل فصل من فصول العمر للمرة الأولي. وكأن هذه الفصول تغط وتطير كالعصافير، لكنها لا تتجمع، ولا تتراكم، وكأن أعمار الفصول كأعمار الورود قصيرة غير أنها تتجدد، وتورق، وتزهر، وتبرعم، وننهتح، وتعطر الأجواء بأريجها الفواح وكأنها تفعل ذلك للمرة الأولى.