لطالما كنت دارسا للسعادة والمغزى طيلة حياتي وفي ذكرياتي المبكرة كان أكثر ما يبهجني هو محاولة سبر أغوار ما يجعل الحياة سعيدة وذات قيمة ومغزى وقد كان هذا ما أدى بي إلى اختيار تخصصي (رجل دين ثم مؤلف ومتحدث) وللسعي لنيل شهاداتي (في علم النفس والاجتماع والدراسات الفلسفية) ولتأليف الكتب وللشروع في الأبحاث التي شغلت حياتي كشخص بالغ لقد كان مسعى عقليا وعاطفيا فقد أراد عقلي معرفة أسرار السعادة وأراد قلبي عيشهالعل الكثيرين منكم يعرفون كتابي الرابع The Five Secrets You Must Discover before You Die كان هذا الكتاب مبنيا على أساس شي أدعوه مشروع المسن الحكيم وفيه أطلب من الناس تحديد الشخص المسن الوحيد الذي عرفوه وقد عثر على السعادة وكان لديه ما يعلمنا إياه وبعد تلقي بضعة آلاف من المرشحين أجرينا مقابلات مع شخصا تتراوح أعمارهم ما بين عاما إلى عام ويتمتعون بما يزيد على ألف عام من الخبرة الحياتية والذين كان لديهم شي واحد مشترك كان كل منهم يمثل أسعد شخص مسن بالنسبة لشخص مالقد ساعدني كتاب The Five Secrets على تحديد أسرار السعادة الدائمة المأخوذة من حياة هذه المجموعة الفريدة وكانت الاستجابة للكتاب إيجابية إلى حد بعيد وفي الخطابات والرسائل الإلكترونية كان الناس من كل مكان في العالم يخبرونني بأن الأسرار الخمسة كانت منطقية جدا بالنسبة لهم ولكنهم أخبروني بشي آخر كذلك معرفة الأسرار لم تكن كافية فقد قالوا فيما معناه أعلم ما يدخل السرور إلى قلبي ولكن من الصعب تطبيقهوقد تبادر إلى ذهني على مر السنوات منذ أن نشر الكتاب أنه ربما كانت الأسرار الخمسة هي نصف السر فقط فعندما أجريت المقابلات مع هؤلا الأشخاص السعدا ركزت على ما كانوا يفعلونه لبلوغ السعادة ولكنني بدأت لاحقا التفكير بشأن ما لم يفعلوه لعل السبب كان وجود شي آخر يفعله السعدا بشكل مختلف وبعد تفكير أعمق أدركت أن الأشخاص الذين قابلتهم لم يبدوا مهووسين جدا بالعثور على السعادة بل إن سعادتهم في الواقع بدت كأنها منتج ثانوي لكيفية رؤيتهم للعالم وليست نتيجة لأي مسعى محدد أو نتيجة ما يجري في حياتهم لذا بزغ سؤال في ذهني هل من الضروري أن يكون نيل السعادة بهذه الصعوبةوقد قررت في عام أخذ إجازة مدتها ثمانية أشهر من عملي مؤلفا ومتحدثا واستشاريا لأنني كنت أشعر بأنني لم أسبر أغوار السعادة الدائمة بشكل كامل بعد وبعد مرور وقت قليل من إجازتي وبينما كنت أمشي في طريق كامينو دي سانتياجو خطرت ببالي فكرة اللصوص الخمسة للسعادة للمرة الأولى ولقد كانت أشبه بهبة من عقلي اللاواعي شي كنت أعرفه بشكل ما منذ زمن بعيد ولكنني دائما ما كنت أغفل عنه لقد كان شيئا أشبه بالدليل لحل أحجية كنت أحاول حلها منذ وقت طويل أو فيلما بوليسيا يظهر فيه دليل بسيط أخيرا فتعرف من هو الجاني وكانت لحظة الاكتشاف كما يلي ربما السعادة هي حالتنا الطبيعية ولكن توجد أنماط تفكير ذهنية ندعها تسلبنا سعادتناوعلى مدار الأسابيع الاثني عشر التالية وبعدما مشيت في طريق كامينو وسافرت بعدها إلى وادي سيكرد فالي في بيرو تفكرت في سؤال من هؤلا اللصوص الذين يسلبون سعادتنا وبدأت في تسميتهم واحدا تلو الآخر ولا أدعي أنني كنت ملهما بشكل خاص لمعرفة هؤلا اللصوص الخمسة ولكنني أعتقد أني استخلصتهم من التقاليد المتنوعة التي درست السعادةونظرا لكوني تلميذا دائما لكل من الثقافات الروحانية والفلسفية إضافة إلى علم النفس فقد كنت أعلم أن الإجابة عن هذا السؤال موجودة للعثور عليها على الأرجح فلعلم النفس والروحانية مهمة مشتركة شديدة الأهمية فكلاهما يبحث عن الإجابة عن سؤال كيف يجد البشر السعادة والمغزى في الحياةوإنني ألجأ خلال هذا الكتاب إلى الثقافات الروحانية إضافة إلى الدراسات العلمية لعلم النفس لاكتشاف هوية هؤلا اللصوص وكيف يمكننا التصدي لهم ويمكن العثور على كل اللصوص الذين أتحدث عنهم هنا في هذه التقاليد على اختلاف أسمائهم كان بالإمكان وجود ستة أو عشرة لصوص ولكنني استقررت في النهاية على الخمسة الذين بدوا لي أنهم أكبر السارقين لسعادتناوعندما تأملت هؤلا اللصوص تفكرت في إمكانية انطباق الظاهرة ذاتها على المجتمع فكما أعتقد أن الحالة الطبيعية لنا كأفراد هي السعادة فإنني أعتقد أيضا أن الطبيعة البشرية تتسم بالانسجام والتعاون ورغم الاعتقاد الشائع بأن هذا عالم يأكل الناس فيه بعضهم بعضا فإن الأبحاث الحديثة في الحياة التطورية تشير إلى أن البشر ارتقوا وصاروا الجنس المهيمن على الكوكب بفضل الطبيعة التعاونية تحديدا لذا فإن قدرتنا على التعاون بين عدد كبير من الغربا هو ما أتاح لنا غزو العالم إن جاز التعبير