نجحت الأنظمة العربية في اقتباس آخر التطورات المعرفية والعلمية؛ لكن المجتمعات العربية عجزت عن الإسهام في أي نمو معرفي واقتصادي إنساني، وما يزال الواقع العربي يزداد تأزماً وتفككاً، على الرغم من الجهود النهضوية التي بذلتها النخب الثقافية والسياسية، خلال القرنين الماضيين. لا شك أن النهوض غاية إنسانية، تتعلق بتحقيق حاجات الإنسان المعرفية والعضوية والنفسية.. وتتجلى من خلال التنافس بين الأفراد والجماعات والشعوب، لتحويل النوازع والرغبات والأفكار إلى أفعال وعلاقات؛ تحقق الإرادة المشتركة، وتبرز مكونات المجتمع.. فالنهوض عمل اجتماعي وسياسي واقتصادي، يعتمد على الفكر والمعرفة والعلم لتوجيه المجتمع وتحفيزه، من أجل تحقيق أهداف الحياة العليا، وبناء الحضارة. ومن هنا تقوم ضرورة لمعرفة أنساق الفكر التي تؤسس لعملية النهوض. هذا الكتاب يتناول- في سبيل الوصول إلى غايته- الفكر الإسلامي من وجهات نظر المعتزلة والشيعة وأهل السنة والأشاعرة والفلاسفة والآخذين بالعقل التجريبي وعلوم الاجتماع، وأخيراً الحداثيين. البحث يلخص جهوداً مضنية طويلة في تاريخ الفكر الإسلامي، لا بد للقارئ من معرفتها لتحقيق نهوض حضاري عربي فاعل!!