هذا الكتاب (تذليل محن، وتصوير حياة) عبارة عن أقصوصات من الحياة، نسجتها من الواقع لتعالج قضايا اجتماعية مختلفة، وفي نهاية كل موقف أدرجت خلاصة قصيرة توجز مضمون الموقف وتقدم رسالة واضحة.
وَقَدْ وَقَعَ بَصَرِي في هذه الرِّحْلَةِ على الكَثِيرِ مِنَ المُشَاهَدَاتِ والوَقَائِع، فَكُنْتُ حَرِيصًا على تَسْجِيلِهَا وَتَقْيِيدِهَا في قِسْمِ الرَّسَائِلِ مِنَ الهَاتفِ النَّقّالِ حتّى لا تَغِيبَ عَنْ ذَاكِرَتِي الخَئُون، وكان مِنْ نتيجةِ ذَلِكَ الجُهْدِ هذه اليَوْمِيَّات التي أَطْلَقْتُ عليها اسم: (يَوْمِيّاتُ مُعْتَمِر)
هذه أحرف صاغها بناني وترجمها عقلي وبياني ممزوجة بخالص الحب والتفاني لمن لهم في القلب أزكى المعاني. قد تتناثر حروفي هنا وهناك لكنها تجتمع على حب الخير وتتآزر لتنتج ثمرة في شجرة العطاء ، وقد لا ترقى لمستوى من ارتقت همته فوق الثريا. فليس كل من أمسك القلم كاتبا ولا كل من سود الصحائف مؤلفات ولا كل من أبهم تعبيره فيلسوف ولا كل من سرد المسائل عالما ولا كل من تمتم بشفتيه ذاكرا ولا كل من تقشف في معيشته زاهدا
إن ما كتبه الشيخ أبو مسلم نثرا يفوق ما كتبه شعرا إلا أن هذا النثر لم يخلُص كله ولا جله نثرًا فنيًّا أدبيًّا، إذ كان للفقه والعقيدة منه الحظ الوافر، والنصيب الأكبر، ومع ذلك نجد بين جنبات هذا النثر نثًرا أدبيا رفيعًا حريٌّ بالباحثين تناوله ودراسته. تهدف هذه الدراسة إلى تناول الكتابات النثرية للشيخ أبي مسلم البهلاني الرواحي، والتعريف بالمصادر التي حوت كتاباته النثرية وتقسيمها تبعا لموضوعاتها، وتلمس مواطن الأدبية والفنية فيها، وتحليل بعض النصوص التي كتبها لبيان قربها أو بعدها من الجانب الأدبي الإبداعي.