يبين هذا الكتاب أن القرآن الكريم منظومة متسلسلة من أوله حتى آخره، وينطبق هذا التسلسل على الآيات القرآنية في كل سورة على حدة، كما ينطبق على ترتيب السور جميعاً من سورة الفاتحة حتى سورة الناس. يتابع هذا الجزء ما بدئ سابقاً من بيان النظم في القرآن الكريم في الربع الرابع منه، ثم الربع الأول فالربع الثاني، ويتناول هنا بالبيان الربع الثالث من سورة مريم / 19 حتى سورة الزمر/39. يتجلى في الكتاب الحرص على بيان ترابط الآيات بعضها ببعض، بأسلوب واضح، مع التركيز على بيان النظم القرآني المحكم، وبيان إعجازه من وجوه عدة، ويفصل القول فيما يتعلق بالنظم من وجهين: اولهما: أن القرآن الكريم نزل على مدى ثلاثة وعشرين عاماً من البعثة النبوية، وكان الوحي يبين للنبي عن نزول كل آية موضعها الصحيح من السورة الخاصة بها، كما يبين ترتيب السور على النحو الذي نعرفه اليوم، ولا يطابق الترتيب الزمني للنزول، وذلك ليلائم كل العصور والأمم وليس لوقت أو أمة بعينها. ثانيهما: يبين الإعجاز القرآني المذهل أن النبي لم يكن يمتلك أي وسيلة حديثة متاحة، نمكنه من ترتيب القرآن على النحو المحكم المعروف، ومن تسمية فصوله بالسور، والسورة تعني السور المحيط بموضوع معين أو مواضيع مترابطة، مما يدل على أن لكل سورة محوراً يدور حوله موضوعها أو مواضيعها، كما يعني أن ترتيب الآيات في السور، والسور في القرآن كله توفيقي لا علاقة له بطول السورة أو قصرها. ويبين هذا الكتاب ارتباط الآيات والسور المتتالية بعضها ببعض في هذا الربع الثالث من القرآن الكريم كما هو الشأن في القرآن الكريم كله.