كلُّهم كان يأمرني بالصمت. كانت أمّي حين تختلف معي على شأن، وإنْ كان يخصّني, تَضْغط سبَّابتَها على شفتيْها وتقول: «اصمتي واسمعيني». أبي له طريقتُه الخاصّة في إصدار الأمر بالصمت. بمجرّد أن يلمح إشارة الاعتراض على وجهي، يصفِّق بكفَّيه، فأَفْهم أنّ عليّ ابتلا
يحاول هذا الكتاب أن يساعدك على إجابة ثلاثة أسئلة من الضروري بمكان أن يتم طرحها بكل مؤسسة، حيث السؤال الأول هو لماذا أنشأنا هذه المؤسسة ونستيقظ كل صباح –وأحيانًا في الليل -لنعمل بها؟ والسؤال الثاني، ما الذي استعددنا به من إمكانات وممكنات وبناء إداري لتحقيق غايتنا من هذه المؤسسة، أما السؤال الثالث والأخير فهو عن آليات العمل المتبعة في تشغيل ما أقمناه لنصل به ويصل بنا إلى الغاية المخططة سواء كانت أفكار أو منتجات أو خدمات تُضيف قيمة حقيقية إلى سوق الأعمال والمجتمع والحياة.
هذا الكتاب لك –عزيزي القارئ-سواءٌ كانت بيئةُ عملك هي مؤسسةٌ ناشئة تخطو خطواتها الأولى نحو مجتمع الأعمال، أو شركةٌ وضعت أقدامَها على طريق النمو وتحتاج لمزيد من الاتزان والتعديل من حركتها، أو كانت كيان طال عمره وتعاظم حجمه فيحتاج لتجديد شبابه ورشاقته بما يتناسب مع المتغيرات المحيطة على اختلافها وتنوعها، وهذه الكيانات جميعًا ما سنطلق عليها في هذا الكتاب مسمى "المؤسسة"
في شارع تشاندوس بلندن شمال غربي الأسواق الصاخبة لحي كوفنت جاردن كان مصنع وارن ينتج صبغة سودا تستخدم في تلميع الأحذية وفي عام كان هناك عرض غريب يظهر في نافذة مصنع وارن للصبغة السوداكانت السيدات والرجال كثيرا ما تلفت انتباههم هذه النافذة ويراقبونهاوكان هناك صبيان أحدهما يبلغ من العمر اثني عشر عاما والآخر يكبره قليلا يجلسان جنبا إلى جنب وكانت وظيفتهما هي إغلاق الأوعية السودا إغلاقا محكما ولصق البطاقات عليها وكانا يعملان ستة أيام في الأسبوع لمدة عشر ساعات في اليوم وكان عليهما أن يكونا سريعين كي ينجزا عملهما ولكي يجعلا اليوم ممتعا ابتكرا لعبة من هذا الأمر حيث كانا يتنافسان ليريا من هو الأسرعكانا سريعين للغاية لدرجة أن المارة في الشارع كانوا يتوقفون للتحديق إليهماكان الصبي الأكبر يتيما ويدعى بوب فاجن ولم يكن يمانع أن يراقبه الناس وهو يعمل أما الصبي الآخر فكان تشارلز ديكينز وبالنسبة له كان الجلوس عند نافذة مصنع وارن للصبغة السودا أسوأ شي يمكن أن يتخيلهكان تشارلز يحلم بالذهاب إلى المدرسة أو ربما إلى واحدة من الجامعات الإنجليزية العريقة مثل أوكسفورد أو كامبريدج فقد كان يحب القراة وكان أحيانا يكتب قصصا خاصة به وقد كان جون ديكينز والد تشارلز دائما ما ينفق من الأموال أكثر مما يكسب وعندما سقط جون في الديون لم يعد قادرا على تحمل إعالة عائلته المكونة من سبعة أطفال لذلك ترك تشارلز المدرسة وأرسل إلى العمل وكان محطم القلب ومحرجا فماذا إذا قضى حياته كلها محاصرا في نافذة المصنع ويضحك منه المارة في الشارع لم يكن يستطيع أن يصدق أن والديه فعلا به ذلك فدعا الله من أجل أن يتم إنقاذه من الإذلال والإهمالعندما كبر تشارلز كان يكتب الكثير من القصص عن الأطفال الفقرا الذين يعيشون حياة قاسية وأصبحت قصصه من أكثر الكتب قراة وحبا في العالمولم يعلم الناس أن تشارلز ديكينز كان أيضا أحد هؤلا الأطفال الفقرا إلا بعد موته
وهناك سبب واحد مهم كإجابة عن سؤال لماذا لم أعلمه الكتابة بالطريقة المعتادة، وهو أنني لم أرغب في أن أوجه اهتمامه إلى الكتابة والاعتماد لاحقا على الكلمة المكتوبة. وغالبا جدا ما يُفعل هذا، خاصة في المحاضرات الجامعية. وكل ما ينتج عن هذا الأسلوب هو مجرد "أبطال في الذاكرة". وإن لم تكن آلات الكتابة هذه تعيد ما كتب على الورق بالضبط، فلن يصبحوا حتى أبطالا في الذاكرة. .
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.